هو ايه اللي جري ؟! ٩
اصعب محاكمة تخوضها ،هي تلك التي تقيمها بينك وبين نفسك انت المتهم والقاضي والجلاد والمجني عليه أيضا ،سماح تقييم حياتها الماضية مع محمود ،في البداية كانت غاضبة من محمود وأمه ولكن مع انطفاء شعلة الغضب وظهور صوت ضميرها اكتشفت انها هي أول ظالم لنفسها ،هي اول من ظلمها ،حبها لمحمود كان لانه اول شاب اقترب منها وقال احبك ،ربما أحبت تلك اللحظة التي أحست بها أنها انثي مطلوبة ،شخص يراها جميلة وتستحق الحب ،لم تسأل نفسها يوما سؤال جوهري هل أحبت محمود ؟سؤال سهل جدا في الظاهره لقد ضحت من أجله كثيرا ،ولكن الحقيقة التي ادراكتها لقد أحبت حب محمود لها كلماته غزله تغنيه بجمالها ورقتها حتي غيرته عليها ،لكن لو لم يقترب محمود ويظهر تلك المشاعر لها ماكانت اصلا فكرت به ،لو لم يظهر محمود لكانت أكملت تلك المشاعر التي بدأت تنمو داخلها ناحية رفعت ،نعم الان تعترف انها بدأت تشعر بتناغم معه ،افكار مشتركة ،لحظات جميلة تبني بهدوء ،الان تعترف أن محاولتها التذكر كانت بسبب ظهور رفعت مرة أخري بحياتها ،تلك اللحظة التي قابلته في لندن وكلامهم ،جعلتها تستشعر شعور غريب شعور الحب الذي يدفئ القلب ،صراعها مع نفسها واحساسها بالذنب لتلك المشاعر هو ما جعلها تعيش حالة الهيجان العاطفي ،جعل ذاكرتها تعود ،لتعيدها لما هربت منه ،لتصعها أمام نفسها ،تعلم أن وفاء أعطتها حبوب هلوسة لتجن أمام محمود ،ومحمود لم يستطع أن يصبر عليها وهو دكتور يستطيع أن يفرق ما بين الغضب وحالة مريضة اخذت حبوب هلوسة ولكنه أراح نفسه ،رماها كأنها منديل كلنكس مستخدم ،وهنا تظهر حقيقة أخري محمود لم يحبها اصلا ،محمود اختارها لانه هادئة مبتسمة بسيطة حالمة ليس لها تطلعات مادية ليست طماعة مثل وفاء ،يسهل اخضاعها ،من يحب لا يرمي حبيبته من اول سقطة ،الان وبعد موت وفاء وامه واخته والذي تشك أن لمحمود يد فيه ،صحيح هي لم تصرح بذلك لأحد ولكنه شعور يزيد بداخلها منذ الوفاة،محمود لا يبكي هكذا علي احد،دايما يحافظ علي مظهره ،كلما أمعنت في التفاصيل يتضاءل محمود أمامها حتي كاد يختفي من أمامها ،الان معضلتها الكبري ماذا تفعل ؟!
الان اكتشفت ان هناك مشاعر تجاه رفعت هل تكون جرئية وتهدم هذا البيت وخصوصا أنه لم يتزوج الي الان ،ماذا لو كان لا يحبها ؟!كيف تعترف بحبها له ؟!كيف تعترف وهي زوجة لخالد ،نعم خالد لقد نسيته ،خالد المفروض انها زوجته ولديها بيت يتمني الجميع مثله ولكنه بيت لم تبنيه ورجل لم تتزوجه ،هي حشرت في هذا الوضع ،لا تنكر أن الوضع جميل ومغري واي ست لديها عقل ستبقي فيه وتفرح بتلك الحالة ولكن المشكلة أن لها قلب وهو لم يحس يوما بخالد ،هي عطفت عليه ايام الجامعة تعاملت معه باحترام وود كزميل صعب عليها لتنمر الناس عليه وهي بالفطرة تميل للمظلوم ،ولكنه لم يدخل يوما حيز احلامها ،حتي الان وهو بهذا الشكل الجذاب والمميز،دكتور رياضي غني له سمعة جيدة ولكن هناك شئ غائب بينهم ،ربما احساسها بالأمان ،احساسها بضعفه ،هو لم يستطع أن ينتظر الي أن تشفي ويطلب يدها ،بل سرقها ،نعم هي لا تعتبر زواجه منها زواج حقيقي حتي لو كتب الكتاب علي يد مأذون هي لم تكن في وعيها ،ربما لو أعطاها الفرصة لوافقت ،السؤال الذي يلح عليها وهي معه ماذا فعل أيضا معها وهي لا تعرف ،الثقة أصبحت معدومة لديها ،ولكنها بالفعل أجبن من تطلب الطلاق ،نعم قررت أعطاه فرصة وتحاول أن تفتح قلبها وعقلها ولكن هذا صعب بوجود رفعت بجانبها ،نعم كل الإبهار حول خالد يتضاءل مع وجود شخصية رفعت ورجولته الواضحة ليست في البنيان الجسدي ولكن الشخصية ،شخصيته لتغطي علي حضور خالد دق الباب لتجد رفعت أمامها ،هل هذا توارد خواطر ،هل احس باحتياجها لوجوده بجانبها
_دكتورة ممكن نتكلم سوا شوية ؟
_اتفضل يا دكتور ،تحت امرك جلس رفعت امامها صمت للحظات احستها دهرا،احست انه يريد أن يقول كلام مهما ،لو قالها ،لو قال إنه يحبها ستترك العالم كله وتذهب معه ،نعم هذه المرة ستكون جرئية وستفعل ما يملي عليها قلبها ،بس اتكلم وقول
_دكتورة ممكن تعفيني من الشغل في المستشفي
_نعم بتقول ايه؟!
_انا عايز استقيل وارجع اسافر لندن تاني
_ليه ؟فيه حد زعلك هنا فيه حاجة مضايقاك ،اني مستعدة ابعد أي شخص مضيقك ،اطلب انت بس
_مفيش أي مشكلة هنا ،انا محتاج اسافر لندن ،اعتقد أن مستقبلي هناك افضل
_بس وجودك هنا مهم اوي ،شوف طلباتك ايه وانا موافقة عليها _مفيش طلبات ،انا بس محتاج اكمل حياتي صح
_مش فاهمة ممكن تتكلم معايا بوضوح
_الحقيقة انا بحب واحدة سمعتها سماح انا بحبك فأسرعت لترد
_ايوة وانا كمان تجاهل رفعت كلمتها وأكمل كأنه لم يسمعها :انا والدكتورة سارة سعيد ،انت فاكرها زميلتنا زمان بنحب بعض ومن فترة كنا بنختبر مشاعرنا واكتشفت أن ان الاوان أننا نتجوز،العمر بيجري ولازم نكون عائلة،هي عايزة تكمل في لندن وانا كمان موافق علي كدا أتمني انك توافقي علي طلب استقالتي واكيد هتشرفيني في الفرح مع السلامة يا دكتورة اشوف وشك بخير
قال رفعت كلماته وكأنه يتسابق مع الزمن يتمني أن ينهي كلماته قبل أن ينهار هو و يعترف لها بحبه ،نعم تجاهل اعترافها ،هو ليس الرجل الذي يخطف زوجة من زوجها ،نعم يحبها من اول يوم رآها في الكلية ولكنها أحبت محمود ،عندما رآها في لندن ،عرف أنها فاقدة الذاكرة وأنها في مشكلة نفسية وأنها تمر بأزمة ،كان واضح أن خالد لا يريد علاجها ،لهذا عاد معها الي القاهرة احس انها تحتاج رعايته لتخرج من أزمتها ،نعم هو من أعطاها أدوية تساعدها لتعود إليها الذاكرة حتي أنه اخضعها للتنويم المغناطيسي بدون علم أحد ،لم يكن العمل الذي عملته نحمده لها من اضاع ذاكرتها ولا حتي الحبوب بل رغبتها في الهروب من الواقع الذي لم تعرف كيف تتعايش معه فضل عقلها الاختباء حتي لا يجن ،كان مطلوب منها بعد ما سمعت أن تتخذ موقف وهي لا تستطيع فهربت ،الان أصبحت بخير ،تستطيع أن تواجه نفسها ومجتمعها وتقرر ماذا تفعل؟،
الان هو من في خطر حقيقي حب سماح الذي رآه في عينها يضعفه ،هو لن يكون خائنا ،فليرحل ويترك لها فرصة في الاختيار .محمود يجلس مع زوج أخته سعاد ،الزوج يحاول أن يتكلم ولكنه محرج ولا يدري كيف يفتح الكلام
_خير يا حاج احمد عايز ايه تتكلم في ايه ومش عارف تفتح الموضوع صح ؟؟
_صح ،اصلي عايز اقول يعني سعاد الله يرحمها ماتت وسابت تلات اولاد في رقبتي وانا امي ست كبيرة وانا شغال طول النهار ومقدرش علي تربيتهم فأنا يعني يعني بقول
_اتجوز يا حاج احمد
_اتجوز ،ازاي يعني
_اتجوز زي كل الناس ما بتتجوز ،سعاد ماتت والاولاد محتاجين حد يربيهم ايه رايك في اسماء بنت عمك اسماعيل علي ناصية الشارع ست محترمة ومتربية وتقدر تعيش وتربي الاولاد
_اه هي كويسة وبنت خلال بس الناس هتقول ايه ؟!
_سيبك من الناس وعلشان كلام الناس انا اللي هخطبها لك وهكون شاهد علي عقد جوازكم وكدا الناس هتتخرص ذهب محمود الي اسماء في البيت ،اسماء متربية معهم ،انسانة طيبة وبنت خلال ومتدينة ،وبالتأكيد لها دين في رقبتهم يجب أن يسدد_اسماء انت عارفة انا جي النهاردة ليه ؟!تخضب وجهها بالحمرة فهي لا تدري كيف ترد عليه
_انا جاي اطلب ايديك للحاج احمد ايه رايك ؟!
_بس دي سعاد لسه ميتة من اسبوعين ازاي تطلب مني كدا الناس هتقول ايه ؟!
_سيبك من الناس اسمعي كلامي واتجوزي احمد وعيشي معه ومع أولاده وربيهم ،اعتبري نفسك امهم
_بس ،دكتور محمود ،انا عايزة اقول لك ،اصلي انا ،فيه حاجة انا عايزة اقولك بس متفهمنيش غلط انا يعني ،انا واحدة بيقولوا عليا نحس مبيعيش ليا اولاد ،واخاف اني اتحوزه يجري لولاده حاجة يقولوا اني السبب انت عارف انا أطلقت ليه
_اطمني أنا متأكد انك هتحبي الولاد وهتخلفي كمان منه ،هتكونوا اسعد عيلة ،انا ضامنك يا ستي
_والله يا دكتور محمود انا بحب ولاد سعاد لله في الله بحسهم زي اولادي ربنا يبعد عنهم كل شر يا رب ويخفظهم دول بيخدوا قلبي كدا مش عارف ليه ؟
صمت محمود قليلا يتمني لو يستطيع أن يقول لها السبب لهذا ولكنه بهذا سيفضح أسرار كثيرة ،يكفي أنه سيصلح الوضع اسماء تربي اولادها مع الحاج احمد وبكرة ربنا يرزقه منها بالذرية الصالحة التي يتمنها ،صعب أن يقول لها أنهم اولادها التي خطفتهم وفاء ،صعب أن يقول لها أن اهله من دمروا حياتها وسرقوا أطفالها ،ربما كان سيقول لو أن زوجها عاش ولكنه سافر الي الخارج ولم يعد والبعض يقول مات ،كيف سيعطيها الاولاد وكيف ستعيش معهم ،هذا افضل للجميع .الان عليه أن يفكر كيف يصلح الوضع مع سماح ،يعرفها جيدا ،لو استطاع أن يوهمها بحزنه وضعفه ستقترب منه وتحاول التخفيف عنه وستكون تلك لحظته ،الفرصة التي ينتظرها سيدخل حياتها ويعيدها هي وأولاده فهذا حقه ،الان لديه اموال وفاء يستطيع أن يفتح مستشفي اكبر من مستشفي خالد ويعيشهم احسن منه ،الان فتحت الدنيا ذراعيها له ليعيش .
يتبع ..................
دكتورة جيهان محمد
#هو ايه اللي جري ؟!
#جيهان محمد