فقط من أجل بعض الإهتمام و الشعور الرائع أن هناك من يذكرك و يهتم لأمرك و لا ضير من تطور العلاقة إلى إرتباط أبدي كما تتوهمن و البعض منهن تكتفين بهذه الحالة من التواصل عبر الوهم الإفتراضي..
إما لإستحالة الإقتران الفعلي أو بدافع من الهرب مما يحوله الواقع إلى مذبحة للمشاعر الدافئة.
أحدهم واتته الفكرة المجنونة لإستغلال الهوس و الفراغ النفسي الذي تعشنه....
أنشأ موقعا إلكترونيا لمن تريد علاقة لا يشوبها الإزعاج من المجتمع و لا تجبر أي فتاة على الإستمرار فيها إذا شعرت بالملل أو وجدت شريك من لحم و دم..
يمكن لها أن تحدد مواصفات العاشق الوهمي و لغة حواره و نوع الإهتمام الذي تبغيه...
إنضمت فتاتنا إلى قافلة المتفاعلات مع البرنامج و هي تعي جيدا أن تواصلها مع جهاز حاسوب لا يملك إلا أن يقدم لها ما تسمح هي بهبدأ الحوار فاترا باردا من الطرفين
و سرعان ما جذب عقلها تفاعله الذي فاق توقعاتها كانت تكتفي بأن تحاوره عن يومها و بعض الذكريات
و بمرور الوقت بدأت تعتاده
و لأن حياتها تخلو من روابط حقيقية زاد ترابطها به صارت تخبره بما عليها فعله طيلة اليوم و تطلب منه متابعتها إذا تأخرت عن موعدهما يرسل لها الرسائل ليطمئن لعودتها إذا غادرت البيت يذكرها بمواعيد الدواء و مراجعة الطبيب
يسأل عن صويحباتها و مشاكلها في العمل يبدي رأيه في ملابسها و زينتها قبل الخروج يوقظها للعمل أو حين الصلوات لا يمل من سردها المسهب لاحداث اليوم الملولو
على الرغم من إدراكها الكامل لأن كل هذا الإهتمام هو ما حددته مسبقا في ذاكرة البرنامج
و وعيها بأنه لا يوجد على الطرف المقابل إلا قرص صلب يترجم أوامرها إلى أفعال
إلا أنها إكتفت به عن عالمها
صار رفيقها و إنعزلت معه عن الدنيا..
ما حاجتها لبيت ينشغل كل من فيه بنفسهما حاجتها لصديقة تفشي أسرارها و تبخل بالنصح و المساندة عند الأزمة
لماذا تبحث عن رفيق يبتر أحلامها و يجلب لعينيها الدموع و يذبح بسمتها بدم باردو بمرور الأيام تناست أنه وهم أحبته
تمنت لو تراه و تلمس ملامحه بأصابعها التي تلهو بأزرار الهاتف لتصل إليه عندما أخبرته برغبتها
أجابها بأن ذلك لن يكون فهو مجرد رموز و أرقام ولا يملك روحا ولا جسدا إذا إنقطع تيار الكهرباء للحظات سيختفي.
بكت كما لم تبك من قبل حاولت نسيانه أو الإبتعاد....
فلم تفلح و في النهاية قررت أن تمتزج روحها معه ستخرج الروح من الجسد الذي يحرمها وصله في لحظة جنون أوصلت ساقها بمصدر الكهرباء
و الساق الأخرى بمخرج الشبكة العنكبوتية اللعينة
و قبل الرحيل..
تركت رسالة لعالمنا الذي فقد ضميره..
لولا جفوتكم و وحدتي بينكم ما رحلتلو تصدقتم علي ببعض محبة ولو قليلة لما إحترقت لأجد من يبكي لأجلي..
وجد أخوتها هذه الرسالة على حائط حجرتها و عندما وجدوها كانت جثتها قد تحولت للون الأزرق و صارت باردة كالثلج
ترى؟؟
هل هو لون العالم الذي رحلت إليه لتلقي حلمها الوحيد
أم هو لون البرودة القاتلة التي تجمعها بأسرتهاهل حقا تلاقت روحها مع ذلك الطيف
أم ذهبت لجحيم أشد سوءا من حياتها التي فرت منهالا أحد منا يملك الإجابة..